الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث المتهم مدان حتى لو ثبتت براءته.. قصة أم ذاقت مرارة السجن الخطأ بتهمة قتل ابنها

نشر في  07 جانفي 2019  (21:36)

أبرزت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية منذ أيام قصة سيدة أمريكية، تُدعى جولي ري، اتُهمت عام 2000 بقتل نجلها جول كيركباتريك، البالغ من العمر 10 سنوات وقت وقوع الجريمة، وتم القبض عليها وحبسها، ثم ظهرت براءتها، لكنها عندما خرجت من السجن فوجئت برفض المجتمع لها.

وفيما يلي ترصد «الشروق» تفاصيل القصة نقلًا عن الصحيفة الأمريكية.

- كيف كانت تعيش جولي قبل الحادث؟

كانت جولي تعيش مع نجلها جول، في منزل بمدينة لورينسيفيل بولاية إلينوي الأمريكية، حياة هادئة، وكانت أما عزباء، حيث انفصلت عن والد جول، قبل ثلاث سنوات من وقوع الحادث.
وكرست الأم حياتها من أجل نجلها، الذي تم تقسيم حضانته عليها وعلى وزوجها السابق، وكانت تسعى إلى الحصول على درجة الدكتوراه في علم النفس التربوي.
ولم تعان الأم قبل هذا الحادث من أي مرض عقلي، ولم يكن لديها سجل إجرامي، كما أنه لم يحدث أي خلاف بينها وبين نجلها، حيث قضوا ليلة الحادث مع صديقتها المقربة وابنها.

- ليلة وقوع الحادث

في ساعة مبكرة من صباح يوم 13 أكتوبر عام 1997، استيقظت جولي ري، على صوت صرخة عالية، دفعتها للخروج من غرفتها للاطمئنان على نجلها الذي كان نائمًا في غرفته، فلم تجده.
وبعد خروجها من غرفة نجلها، رأت شخصًا غريبًا قد تسلل إلى بيتها، مرتديًا قناعًا على وجهه، وقام بمهاجمتها، فاشتبكت معه، حيث سبق وأن حصلت جولي على الحزام الأسود في التايكوندو، وطاردته حول المنزل، إلا أنه هرب.
وقالت ليزا بريدجيت، جارة جولي، إنها استيقظت في هذه الليلة في تمام الساعة الرابعة والنصف على صوت طرق جارتها على باب شقتها، مضيفة: «فتحت الباب فوجدت جولي بالخارج، حافية القدمين، ومرتدية قميصًا فقط، وكانت في حالة هياج، وتتحدث بشكل سريع جدًا، لدرجة يصعب فهمها، وحاولت تهدئتها من خلال ضمها، إلا أنها صرخت قائلة: «جول راح»».
وأظهرت التسجيلات التي حصلت عليها المحكمة، أن الأم قد أخبرت الشرطة، ثم ذهبت إلى جارتها لتخبرها بشكل هيستيري أن ابنها قد اختطف، إلا أنه بعد وصول المحققين، وبدءالبحث في المنزل، تم العثور على الطفل على أرضية غرفته، بين السرير والحائط، غارقًا في الدماء، وذلك بعد تلقيه 12 طعنة.
وعندما أُخبرت الأم بأن ابنها قد تُوفي دخلت في نوبة صراخ، ثم تم نقلها إلى المستشفى، ولم تكن تعرف وقتها أنها ستفيق على واقع جديد.

- حياة تتغير

انقلبت حياة جولي رأسًا على عقب بعد مقتل نجلها تحولت حياة جولي للأسوأ بعد مقتل نجلها، حيث انتقلت إلى منزل آخر في مدينة بلومنجتون بولاية إنديانا الأمريكية، ولم تستطع البقاء وحدها لحظة واحدة، وهو ما دفع أصدقائها إلى المكوث معها باستمرار.
وعاشت الأم المكلومة في حالة من الرعب، وخاصة من الظلام، فلم تستطع النوم إلا في الضوء، وفي ظل وجود أي شخص بجانبها، ووصل الأمر إلى إصابتها بنوبات هلع.

- اتهام بالقتل

بعد وقوع الحادث؛ لجأت النيابة العامة إلى الطب الشرعي لإجراء ما يُسمى بـ«تحليل نمط شكل بقع الدماء»، وتوصلت من خلاله إلى عدم تسلل أي شخص للبيت في ليلة الجريمة، لتصبح بذلك جولي هي المتهم الوحيد.
وبعد تحقيقات طويلة ومعقدة، اتهمت الأم بقتل نجلها عام 2000، وبالتحديد في الذكرى الثالثة لمقتل جول.
ومع استمرار التحقيقات، لم يتمكن المحققون من إيجاد أي علامات واضحة لدخول متسلل إلى البيت في هذه الليلة، وبعد ثبوت أن السكين الذي طعن به الابن تم أخذه من مطبخ جولي، ولا يوجد عليه أي بصمات، أدينت الأم رسميًا عام 2002 بواسطة حكم صادر من أول درجة بقتل ابنها.
وقالت جولي تعليقًا على إدانتها: «البقاء على قيد الحياة في ظل اتهامات موجهة إلي بالتسبب في قتل طفلي، هو نوع من الصدمة الكبيرة التي لم أتمنى يومًا أن أعيشها».

- براءة متأخرة

بعد قضاء جولي أربع سنوات في السجن تم تبرئتها رسميًا عام 2010، وذلك بعد نجاح الفريق القانوني الذي كان يدافع عنها في تقديم بعض الشواهد والأدلة، والتي أكدت أن الإصابات التي كانت في جسد الأم بعد الحادث لا يمكن وأن تكون مفتعلة، بالإضافة إلى تسجيل صوتي لأحد الأشخاص اعترف فيه بارتكاب جرائم مشابهة لجريمة قتل جول.
وعلى الرغم من أن هذا الشخص لم يعترف بشكل صريح بقتل الابن، إلا أن فريق الدفاع عزز موقفه، بتقديم أدلة تثبت بأنه كان متواجدًا بالقرب من مدينة لورينسيفيل، في ليلة وقوع الحادث.
وقال فريق الدفاع إنه فريق التحقيق تجاهل عدم وجود أي دافع لقتل الأم لنجلها، كما أنهم لم يجدوا أي بقايا دماء قد تدين الأم، وذلك بعد تفتيش خزان الصرف الصحي، وتفقد الحوض ومصارف الاستحمام، وفحص الملابس.
وأكد فريق الدفاع وقتها، أن حصول جولي على البراءة يجعل «تحليل نمط شكل بقع الدماء» غير موثوقًا فيه.

- نمط من الأخطاء المتكررة

جولي ليست الحالة الأولى التي تُدان بشكل خاطئ بسبب «تحليل نمط شكل بقع الدماء» والتي يتم الاعتداد به في المحاكم الأمريكية كأدلة موثوق منها، فهناك 362 شخصًا تم تبرئتهم من تهم متعددة، نصفهم تم إدانته بشكل خاطئ بسبب هذا التحليل.
وحذّر الخبراء والعلماء من خطورة الاعتماد على هذا التحليل، والذي تسبب في سرقة سنوات العديد من الأشخاص داخل السجن، وعدم قدرتهم على التأقلم مع العالم الخارجي بعد إطلاق سراحهم.
وقبل عام واحد من تبرئة جولي، أصدرت الأكاديمة الوطنية الأمريكية للعلوم، تقريرًا دعت فيه إلى ضرورة إعادة النظر في اعتماد المحاكم على هذا التحليل، مشيرة إلى أن نتائجه ليس موثوق فيها.

- عالم ما بعد الابن والسجن
جولي تواجه مشكلة جديدة بعد خروجها من السجن.
في الوقت الذي حصلت فيه على البراءة، لم تكن بحالة جيدة، ليست فقط بسبب مقتل ابنها أو محاكمتها، ولكن أيضًا بسبب ما عاشته في السجن، وما تحملته من إيذاء نفسي وجسدي لمدة 4 سنوات؛ بسبب نظرة السجناء والحراس لها؛ لاتهامها بارتكاب جريمة لا يمكن وأن تُغتفر.
بعد البراءة قالت: «اعتقدت أن كل شيء سوف يكون أفضل، وأني بإمكاني دراسة القانون لمساعدة الآخرين، والعودة لعائلتي وأصدقائي الذين قدموا لي الكثير